التَّخفيفُ القرائيُّ وأصولُه اللُّغويَّة قراءةٌ في مفهومِه وأنواعِه وأحكامِه ومظاهرِه
الملخص
يُعدُّ التَّخفيفُ قاعدةً لغويَّةً كلِّيَّةً وظاهرةً صوتيَّةً ذات أثرٍ فعليٍّ، أكثَرَ اللُّغويُّون من تعليل أحكامِهم بها؛ ذلك أنَّها علَّةٌ لغويَّةُ الاستمدادِ، ورَدَتْ على ألسنةِ الفصحاءِ، وكذلك تجلَّت ظاهرةُ التَّخفيفِ عند القرَّاءِ، وعُنوا بضبطِ أدائها وأحكامِها، فكانت القراءاتُ القرآنيَّةُ مجالاً ثريّاً لتطبيقِ هذه الظَّاهرةِ.
وتأتي أهمِّيَّةُ البحثِ من حيثُ دراستُه ظاهرةً لغويَّةً شاعت في مصنَّفاتِ اللُّغويِّين والقرَّاءِ على حدٍّ سواءٍ؛ إذ تمثِّلُ ظاهرةُ التَّخفيفِ نموذجاً من القواعدِ الكلِّيَّةِ الَّتي تتجاوزُ البحثَ في اللُّغةِ إلى البحثِ في منهجِ التَّفكيرِ اللُّغويِّ وفلسفتِه القائمةِ على التَّعليلِ، وتبيِّنُ المبادئ الحاكمةَ للُّغَّةِ، وتضفي التَّجانُسَ على قواعدِها.
ويهدفُ البحثُ إلى الكشفِ عن مفهومِ التَّخفيفِ عند القرَّاءِ، وتتبُّعِ أُسُسِه اللُّغويَّةِ، ورصدِ أثرِ القراءاتِ القرآنيَّةِ في الأصولِ النَّحويَّةِ الكبرى، والنَّفاذِ إلى القواعدِ اللُّغويَّةِ الَّتي قام عليها علمُ القراءاتِ والاحتجاجِ.
واتَّبعَ البحثُ المنهجَ الوصفيَّ التَّحليليَّ؛ لِما تشتمل عليه ظاهرةُ التَّخفيفِ مِن جوانبَ صوتيَّةٍ؛ وذلك من خلال تتبُّعِ الظَّاهرة والتَّعرُّفِ على جوانبِها المختلفةِ، واستقراءِ أنواعِ التَّخفيفِ وأحكامِه، ثمَّ تصنيفِ المادَّةِ المدروسةِ، وتوجيهِ مظاهرِ التَّخفيفِ.
وأصَّل البحثُ للتَّخفيفِ عند اللُّغويِّين ببيانِ موقعِ التَّخفيفِ في مستوياتِ اللُّغةِ الصَّوتيَّةِ والصَّرفيَّةِ والنَّحويَّةِ، ثُمَّ درسَ التَّخفيفَ القرائيَّ ووقفَ على مفهومِه وأنواعِه وأحكامِه، وذكرَ صورَه وفوائدَه، واقتضى ذلك أن يتتبَّعَ البحثُ ظاهرةَ التَّخفيفِ في كتبِ أصولِ القراءات والاحتجاجِ.
ثمَّ وصلَ البحثُ إلى طائفةٍ من النَّتائجِ؛ منها: أصالةُ مبدأ التَّخفيف، وأنَّه قاعدةٌ كلِّيَّةٌ نظمت جملةً من الأحكامِ اللُّغويَّةِ وأُحكِمَت بضوابطَ استقرائيَّةٍ، وأنَّ التَّخفيفٌ سلوكٌ لسانيٌّ يهدفُ إلى السُّهولةِ والاقتصادِ في المجهودِ، وصاغ البحثُ تعريفاً للتَّخفيفِ عند القرَّاءِ، الَّذين اتَّسعوا في استعمالِ الأصولِ اللُّغويَّةِ، ولم يقتصروا على القواعدِ القرائيَّةِ النَّظريَّةِ، ونبَّهَ البحثُ على مبدأ التَّعادل الأدائيِّ في القراءةِ.