الأنا بين الظّهور والضّمور في شعر كشاجم
الملخص
حظيت الأنا باهتمام الدّارسين، وكان حضورها في ديوان الشّعر لدى كشاجم له بصمة خاصّة، مشكّلة مفتاحاً لفهم تجربتها الموضوعيّة والمتخيَّلة، و كانت (الأنا) صورة للتّجربة الذّاتيّة الفرديّة التي انتقلت عبر سيرورة وجودها بين الظّهور والضّمور، وسعت إلى توطيد بناءٍ ثابتٍ ومستقرٍّ يكتنفها.
وتتعدّى تجربة الأنا آنيّة الزّمن منتقلة بين الماضي والحاضر والمستقبل، متحلّية بسمات تفرضها عليها علاقتها بالآخر من جهة، وعلاقتها بذاتها من جهة أخرى، لنجدها ظاهرة حيناً ومضمرة حيناً آخر، ففي مشاهد المدح والفخر والاعتذار تبرز (الأنا) ، وتضمر أمام قوّة تعلوها، أو في سياق حديث تستتر وراءه لأغراض مختلفة.
وتظهر (الأنا) في الوصف ظهوراً يجعلها في مجالٍ ذاتيّ (أنويّ)* وما تلبث أن تفرض إشعاعات حضورها على المحيط من حولها، فنرى هذه (الأنا) صاحبة قرار فاعل في تحديد الموقف الذي تتراءى فيه ولاسيّما حين يحاول الشّاعر خلق مساحة تعبيريّة يجسّد فيها موقفه، ولكن هذا الموقف ليس بعيداً عن الاستقرار النّفسيّ الذي تحضر فيه الذّات في سياقٍ تعبيريٍّ يفرّغ المشاعر والانفعالات.
وتتجلّى الأنا في ديوان كشاجم في صور عديدة منها حضورها في ياء المتكلّم، وتاء الرّفع المضمومة، والضّمير أنا ظاهراً ومستتراً، والشّاعر كشاجم حاول أن يخلق جماليّة انزياحيّة عندما زاوج بين تجربته وتجربة الآخر فعكسَ عمقَ إبداعه، وفاعليّة حضور الأنا والآخر في ذلك الإبداع.
* الأنويّة: مصدر صناعي من الأنا، وهي المغالاة في الاعتزاز، أو التكلّم عن النفس أكثر من اللازم.
ينظر: وهبة، مجدي، و المهندس، كامل، معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مكتبة لبنان ناشرون، الطبعة الثانية ، ص68.