الحوار في شعر وضَّاح اليمن
الملخص
للحوار الشِّعريّ أهمّيّةٌ في إضفاء الحركة والحيويّة على النّصّ الشعري. وقد أدركَ شعراء الغزل أهمِّيّةَ الحِوار الشِّعريّ وعمق تفاعله مع عناصر النَّصّ الأخرى، فاستخدمه كلٌّ من الشعراء استخداماً يتَّسِقُ ومعطيات عَصْره المعرفيّة والفنِّيّة.
وقد قام عمر بن أبي ربيعة (رائد المدرسة الحِسِّية)بتطويرٍ ملحوظ للحوار القصصيّ الذي سبَقَه إليه امرؤ القيس فبنى عمرُ عليه غزلَه الحسِّيّ. ولعلَّ أهمِّيّة الحوار القصصي في شعر عُمَرَ جعلت كثيراً من الدارسين والباحثين يتدافعون إلى دراسة شعره والبحث فيه، متغافلين عن دراسة الحوار في شعرِ غيره من الشعراء.
ومن هؤلاء الشعراء الشاعر الأمويّ وضّاح اليمن([1])،وعندما أحْصَيْنا أصواتَه المغنّاة، تبيَّن لنا أنّ عددَها بلغ (19) صوتاً مغنّىً من أصل (36) مقطوعة وقصيدة في ديوانه، وما لفتَنا في معظم هذه الأصوات ظاهرة الحوار الشعري، يُضافُ إلى ذلك كثرة استخدام الشاعر للإنشاء الطلبي وغير الطلبي في هذه الأصوات وتنوُّع أساليبه بين الخبر والإنشاء، فرُحنانُقَلِّبُ صفحات ديوانه فتبيَّن لناغَلَبة الحوار على شعره، فقرَّرْنا أن نبحث في هذا المجال، وقد أفدْنا من كتاب الدكتور (السيد عُمارة): "الحوار في القصيدة العربية إلى نهاية العصر الأموي)، فهو يتحدَّث بإيجاز عن الحوار في شعر الغزل العُذْريّ في أثناء تناوله الحوارَفي الشعر العربي القديم، واستشعرنا من خلال كتابه مدى الحاجة إلى دراسة حواريات وضاح اليمن.
منهج البحث:
أمّا المنهج المتّبع في هذا البحث فهو المنهج الوصفي التحليلي اعتماداً على استقراء شعر وضاح اليمن من ديوانه، واتباع إحصائيات دقيقة ثم التحليل والاستنتاج.
هدف البحث:
تسعى هذه الدّراسة إلى الكشف عن الحوار في شعر وضَّاح اليمن كونَه يشكِّلُ سمةً مهمّةً من سمات شعره تتلاعبُ بتنوُّع الأساليب الإنشائية فيه فتضفي عليه حركةً وحيويّةً ونشاطاً، وتستدعي حسن الإصغاء إلى شعره سواء أَكانَمغنّىً أم مُلقى إلقاءً شعريّاً.
([1])-وَضّاح لقب غلب عليه لجماله وبهائه، واسمه عبد الرّحمن بن إسماعيل بن عبد كُلال بن داذابن أبي جَمَد. كانَ وضّاح اليمن والـمُقنَّع الكِنْدِيّ وأبو زُبَيد الطّائيّ يَرِدونَ مواسمَ العربِ مُقَنَّعينَ يسترونَ وجوهَهُم خوفاً من العين وحَذَراً على أنفسِهم من النساء لجمالهم. اشتُهِرَ بالنسيب، كان يهوى فتاة اسمها روضة من أهل اليمن. قتله الوليد بن عبد الملك بسبب تغزله بأم البنين زوجه. توفي نحو 90هـ. الأصفهاني- أبو الفرج: الأغاني، 6/209 وما بعدها، والتوحيدي: البصائر والذخائر، 3/68. وابن أبي الفرج (ت 659ه)- صدر الدين، 1964م،الحماسة البصرية، 2/112.والكُتبي- محمد بن شاكر: فوات الوفيات، 2/272-275. والعبيدي- محمد بن عبد الرحمن بن عبد المجيد: التذكرة السعدية، 79. والزِّركلي- خير الدِّين: الأعلام، 3/299.