تأثير الفلسفات القديمة والوسيطة على تطور الفكر الاجتماعي
الملخص
يتأثر التفكير في الظاهرة الاجتماعية بالأطر والحوادث الاجتماعية التي تحصل في المجتمع، حيث يعدّ التغير الاجتماعي بمثابة المحرك للفكر والخيال والإبداع، وذلك على العكس مما يحدث في المجتمعات الأكثر سكوناً، فإنها تحافظ عموماً على منظومة ثابتة نسبياً من التنظيمات والقوانين والمبادئ الاجتماعية والدينية، التي تتشكل على هيئة أعراف وتقاليد.
تعالج هذه الدراسة أهمية الفكر الفلسفي والاجتماعي اليوناني القديم، وأثره في خلق النظرة الثنائية للعالم، والمستمدة بشكل خاص من أفكار كل من أفلاطون وأرسطو. ويستخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي، للوقوف على نمط الحياة العقلية التي سادت تلك المرحلة، وسمحت بدراسة وتحليل النظم السياسية والاجتماعية والدينية، لتزرع بذور العديد من النظريات والمواقف الاجتماعية والسياسية المعاصرة؛ حيث يعدّ الإرث الفكري لكل من أفلاطون وأرسطو إرثاً عميقاً ومتجذراً في الوجدان الإنساني؛ وقد امتدت جذور أفكارهما لاحقاً لتنبت في كتب اللاهوت المسيحي ومؤلفات الفلسفة الإسلامية، حيث تمكّنَا من رسم تاريخ الحضارة الغربية بوصفه حالة من الصراع بين طريقتين لرؤية العالم والكون والإنسان. ويمكن تشبيه الموقف الأرسطي اليوم بأنه يمثل رؤية أصحاب مشاريع تطوير التطبيقات الذكية والتكنولوجية كالتجارة الالكترونية (على غرار كتاب السياسة) الهادف لتمكين الإنسان من مواجهة واقعه والتحكم فيه، فيما يدافع أصحاب الموقف الأفلاطوني المعاصرون عن البيئة وطبقة الأوزون وسلامة الكوكب، للوصول إلى عالمهم المثالي (على غرار كتاب الجمهورية). فالأفكار التي زرعت قبل ما يزيد على ألفي عام، لا تزال تنمو وتتفرع في مجتمعاتنا المعاصرة حتى اليوم، وتؤثر على دراسة المجتمعات والنظريات المختلفة في ميادين العلم كافة، على رأسها علم الاجتماع.