موقف كلٍّ من قريش ممثَّلةً بأبي سفيان بن حرب, وقبائل كندة ممثلة بالأشعث بن قيس الكندي من الدولة العربية الأولى التي أسَّسها الرسول العربي الكريم

المؤلفون

  • د. يوسف حمزة زردة
  • د. يوسف حمزة زردة

الملخص

لقد رأت الدول المجاورة للجزيرة العربية, كدولتي فارس والروم, في نظام حكم القبيلة ذاتَها بذاتِها ثُغرةً, أو نقطةَ ضعفٍ مكّنتهما من تأليب هذه من القبائل العربية على تلك, وضرب هذه منها بغيرها, فأراد الرسول الكريمُ ــ غِبَّ مَبْعَثِهِ ـــ تأسيسَ دولةٍ تجتمعُ فيها قبائلُ العرب على كلمة واحدة, لا يجدُ فيها الأعاجمُ  ما يمكن أن ينفذوا من خلاله إلى ضرب القبائل العربية بعضها ببعض.

وإذا كان طبيعياً أن يكون " الإسلامُ " شعارَ هذه الدولة أو عنوانَها بوصفه عنواناً للدين الجديد الذي جاء به الرسول الكريم, فقد كان طبيعيّاً أيضاً ألّا يكونَ موقفُ القبائل العربية من هذه الدولة المُزْمَعِ إنشاؤها واحداً؛ لأنَّ مصالح هذه القبائل ليست واحدة, بل مختلفة, وربما متضاربة في كثير من الأحيان, فأيَّدتْ هذه من القبائل قيامَ هذه الدولة, وسعت إلى توطيد أركانها بالقدر الذي استطاعته, وسَعَتْ ــ في مقابل ذلك ــ تلك من القبائل إلى إضعافها والحيلولة دونَ امتلاكها أسبابَ القوةِ؛ فقريشُ التي حاولت جاهدةً منعَ قيام دولة الإسلام؛ لِمَا رأته فيها من تهديد لمصالح كبرائها, صارت ــ بعد قيامها ــ من أكثر القبائل حرصاً على بقائها, ومَدِّها بأسباب القوّة, لأنّ مقاليدَ أمور هذه الدولة صارت بأيدي أبنائها, أمّا غيرُ قريش ــ كقبائل كِندَة مثلاً ــ فقد امتنعت عن تأييد قيام هذه الدولة, ما استطاعت إلى الامتناع سبيلاً, ولمّا أُسْقطَ في يدها, ولم تجد بُدّاً من قبولها بأن تكون واحدةً من لَبِنات هذه الدولة التي واجهتها بشعار" أسلموا تسلموا "  تَجَرَّعَتْ مُكْرَهَةً كأس السُّمِّ, فدخلت فيما دخل فيه الناسُ, وانتظرت ــ على أحرَّ من الجمر ــ الفرصةَ المناسبة للخروج مما دخلت فيه على كُرْهٍ منها, بغيةَ استرجاع قرارها, وجعلِهِ حيثُ كانَ ـــ قبلَ إسلامهاـــ بيد أبنائها, والتَّخلّصِ من الإحساس بالتبعيّة لقريش وحلفائها الذين جمعتهم معها المصالح, فقاسموا الناسَ أموالهم بغير وجه حق, ونصّبوا من أنفسهم أسياداً عليهم, ووُلاةَ أمرٍ.

التنزيلات

منشور

2023-01-22

إصدار

القسم

سلسلة العلوم التاريخية و الاجتماعية