الرجل الآلي (الروبوت) بين مطرقة التجريم وسندان العقاب "دراسة تحليلية"
الملخص
إن مُساءلة مرتكب الجريمة عن سلوكه المناقض للنظم في المجتمع ومن ثم التعبير عن الرفض الاجتماعي لهذا السلوك بإعطائه مظهراً محسوساً في شكل عقوبة أو تدبير احترازي يشكل جوهر المسؤولية الجزائية، ولكن هل يتصور مساءلة الرجل الآلي (الروبوت) جزائياً كالشخص الطبيعي أو الاعتباري؟ ومن باب أولى هل يتصور ارتكابه للجريمة بالأساس؟ الأمر الذي تولت هذه الدراسة معالجته من الناحية القانونية تزامناَ مع اعتماد العالم من الشرق إلى الغرب على الروبوتات كأحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات وعلى رأسها المجال الصحي الذي شهد في السنوات الأخيرة توظيفاً ملحوظاً للروبوتات في التصدي لظاهرة كورونا ، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل باتت الروبوتات بديلاً عن الجنود في ساحات المعارك العسكرية، وعن العمال في المصانع، وعن القضاة والمحامين في أروقة المحاكم، وكلما زاد انتشارها زادت إمكانية ارتكابها لأعمال غير مشروعة تصل لحد الجريمة، ولكن الإشكالية تكمن بأن التشريعات الجزائية في مختلف الأقطار العربية مصممة لمحاكاة الشخص الطبيعي والشخص الاعتباري، مما يجعلها تقف عاجزة أمام الجرائم المرتكبة من قبل الروبوت، ومن هنا فإن هذه الدراسة تهدف بالدرجة الأولى إلى حث المشرع العربي على تطوير أحكام المسؤولية والعقاب لتتناسب مع مفرزات الذكاء الاصطناعي استعداداً لظواهر قانونية جديدة ستطرق أبوابنا عما قريب.