المسؤوليّة المدنيّة لمزوّد خدمات التّصديق الإلكتروني
الملخص
إنّ للتصديق الإلكتروني أهمية كبيرة في المجال الإلكتروني وتكنولوجيا المعلومات. حَيثُ إنّه يعمل على خلق بيئة إلكترونيّة آمنة للتعامل عبر الإنترنت. فالثّقة والأمان ضروريّان لأطراف المعاملات الإلكترونية، وذلك نظراً لما تتسم به هذه المعاملات من عدم الالتقاء الفعلي بين أطراف العلاقة. ولكي تتوفر هذه الثقة لدى أطراف المعاملة فإن الأمر يستلزم وجود طرف ثالث محايد، وظيفته توثيق العلاقات التي تتم بين الأشخاص الذين يعتمدون على الوسائط الإلكترونية – خاصة شبكة الإنترنت - لإبرام عقودهم، وهذا الطرف هو مزود خدمات التصديق الإلكتروني.
حيث يقوم مزود خدمات التصديق الإلكتروني بتوثيق المعاملات الإلكترونية والبيانات المتبادلة بها، وبصفة خاصة يقوم بتوثيق التوقيع الإلكتروني ليشهد بصحة هذا التوقيع دون أن يكون له مصلحة شخصية بذلك. إذ أنّ استخدام التوقيع الإلكتروني الآمن، يتطلب طرقاً ووسائل تؤمن تحقيقه للوظائف المطلوبة وتثبت مصداقيته، حيث يُؤكد هذا المزوّد هوية الأطراف ويُحدد أهليتهم للتعامل، كما يضمن سلامة محتوى البيانات المتداولة عبر الشبكة ويقوم بإصدار شهادة توثيق تسمى (شهادة التصديق الإلكتروني)، يُثبت فيها صحة التوقيع الإلكتروني ونسبته لمن صدر عنه. وأمام الدور المهم لمزود خدمات التصديق الإلكتروني قامت التشريعات المختلفة بتحديد اِلتزاماته والمسؤولية التي تقع على عاتقه في حال إخلاله بهذه الالتزامات.
لذا كان من الضروري دراسة هذا الموضوع بشيء من التفصيل لتحديد التزامات مزود خدمات التصديق الإلكتروني، بالإضافة إلى معالجة مسؤوليته المدنية وفيما إذا كانت عقدية أم تقصيرية. حيث قام الباحث بمناقشة ذلك في إطار الدراسة المقارنة مع التشريعات العربية والدولية، مقترحاً مجموعة من التوصيات لحل مشكلة البحث.