الوسائل الودية بديلاً عن التحكيم في تسوية المنازعات التجارية
الملخص
على الرغم من تميز أسلوب التحكيم في حل المنازعات العقدية بصفة عامة بالعديد من المميزات، منها السرية، وسرعة حل النزاع، وحرية الأطراف المتنازعة في اختيار المحكمة التي يعهد إليها بحسم النزاع، إلا أنه في مجال تسوية المنازعات في العقود التجارية حدث تراجع لبعض هذه المميزات، وخاصة تلك المتعلقة بسرعة الحل والاقتصاد في التكلفة. حيث يشهد الواقع العملي ارتفاع نفقات التحكيم بشكل مخيف، كما أن هذا النظام لا يتسم بالسرعة التي تتفق مع المفهوم المستقر في الأذهان.
لذلك قد يلجأ طرفا النزاع رغبة منهما في حل ودي لهذا النزاع إلى عدة وسائل بديلة، كالتفاوض المباشر أو الوساطة أو التوفيق أو المصالحة أو المحاكم المصغرة.
وكذلك فالتحكيم لا يبدأ عادة إلا بعد تفاقم النزاع بين أطرافه، واتخاذهم مواقف لا تتسم بالود، مما يضفي عليه بعض خصائص التّسوية القضائية، من حيث طول الإجراءات، والتركيز على الجانب القانوني، دون عناية كافية بالنزاع ذاته، الأمر الذي دفع بعض أطراف النزاع إلى محاولة التحرر قدر الإمكان من عملية التحكيم.
وتتميز هذه الوسائل البديلة بمجموعة من المميزات منها ما يرتبط بماهيتها كخضوعها لمبدأ الحرية التعاقدية وقلة الشكليات وتجاوز مبدأ المواجهة، إضافة إلى ميزات أخرى إجرائية وهي السرعة في حل المنازعات وقلة التكاليف وسرية الإجراءات. إلا أن هذه الوسائل الودية قد واجهت مجموعة من الانتقادات.