السياسة الجزائية في مواجهة الإجهاض (دراسة تحليلية مقارنة)
الملخص
إن الإجهاض كان وما يزال يثير سلسلة من النقاشات الساخنة بين مؤيد ومعارض له، فهناك من اعتبره حرية شخصية تتعلق بالزوجين أو بالأم ولها وحدها حق تقرير ما يناسبها، ومنهم من ذهب إلى ضرورته قياساً على الزيادة السكانية في العالم حيث يتوجب تحديد النسل منعاً من الانفجار السكاني، ومنهم من اعتبره اعتداء على حق الحياة الذي كفلته الشرائع السماوية والوضعية، وتشجيعاً على الانحلال الأخلاقي ونشر الرذيلة والقضاء على الفضائل والأخلاق وقيم الأسرة.
وعليه فإن السياسة الجزائية التي ينتهجها المشرع الجزائي في هذه الدولة أو تلك تخضع لاعتبارات اجتماعية واقتصادية وأخلاقية مختلفة عن بعضها البعض، وتملي على المشرع تحديد المصلحة المراد حمايتها في تجريم الإجهاض أو إباحته، وذلك أن المصالح تتغير بتغير الأسباب.
من هذا المنطلق يعتبر المشرع السوري ظاهرة الإجهاض فعلاً مخلاً بالأخلاق ويمس الآداب العامة وبالتالي جريمة يعاقب عليها القانون. وقد صنفها في الباب السابع تأسيساً على أنه يرى أن المصلحة الأولى بالحماية هي حق المجتمع في حماية أفراده، وأراد التشديد على منع الإجهاض للحفاظ على ازدياد عدد السكان وللمحافظة على القيم الأخلاقية من الانحلال في المجتمع السوري، فكثيراً ما يكون الاجهاض نتيجة ارتكاب الزنا، وإباحته فيها تشجيع على ارتكاب هذه الجريمة. ناهيك عن أنه في تجريمه للإجهاض أراد حماية حق الجنين في الحياة وحماية حياة الأم وسلامتها.